علم ضبط المصحف الشريف
االمادة العلمية: دورة في علم ضبط المصحف الشريف.
عدد المجالس: 3 مجالس.
مدة المجلس: ساعة ونصف.
الأيام: 3 أيام في الاسبوع.
الملحقات: شرح واختبار وشهادة.
أهمية المادة العلمية
أحب قبل الشروع في المقصود أن أشير إلى أن البشرية لم تعرف كتابًا حظي بالعناية والاهتمام على مدى الأزمان بمثل ما حظي به القرآن الكريم، سواء من حيث كتابته ورسمه وإعرابه بالنقط، أو من حيث تلاوته وتحقيق قراءاته، أو من حيث معرفة أحكامه وحكمه وبيان معانيه.
فمنذ بدأ نزول القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صلى الله عليه وسلم يتلقى ما يوحى إليه من ربه جل وعلا فيحفظه ويعيه، ثم يبلغه لأصحابه فيحفظونه كذلك، ويحفظونه لغيرهم كما سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم مجودًا مرتلًا، عملًا بتوجيه الله تعالى في قوله: “أو زد عليه ورتل القراءن ترتيلا” (سورة المزمل: الآية-4).
ومع أن الأمة العربية التي شرفت بنزول القرآن الكريم بلغتها كانت تعتمد على الحفظ أكثر من اعتمادها على الكتابة، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -زيادة في التوثيق- اتخذ له كُتَّابًا يكتبون له ما ينزل به الوحي، ومنهم الخلفاء الأربعة، وأبان بن سعيد، وأبي بن كعب، وثابت بن قيس، وخالد بن الوليد، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان.
فكان كلما نزلت آية أو آيات أمرهم صلى الله عليه وسلم بكتابتها، بعد أن يدلهم على موضعها من السورة، فيقول لهم: “ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا، قبل كذا وبعد كذا …”.
وقد كانت عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابة القرآن -كما تبين- فائقة، ومنع أصحابه من كتابة شيء غير القرآن، فروى الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تكتبوا عني شيئًا غير القرآن، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه».
كما كان سائر الصحابة يكتبون لأنفسهم مثل ذلك، متحرين الدقة والأمانة في كل ما يقرءون أو يكتبون: فكانوا إذا تماروا في الآية يقولون: إنه أقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية فلان بن فلان، وهو على رأس أميال من المدينة، وفي رواية: على رأس ثلاث ليال، فيبعث إليه من المدينة، فيجيء، فيقولون: كيف أقرأك رسول الله صلى الله عليه وسلم آية كذا وكذا؟ فيقول: كذا وكذا. فيكتبون كما قال.
وفي رواية البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه: “قال النبي صلى الله عليه وسلم: ادع لي زيدًا وليجئ باللوح والدواة والكتف، أو الكتف والدواة. ثم قال: اكتب: “لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا” (سورة النساء: الآية-95).
وجاء عن زيد بن ثابت، قال: كنت أكتب الوحي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يشتد نفسه ويعرق عرقًا شديدًا مثل الجمان، ثم يسرى عنه، فأكتب وهو يملي علي، فما أفرغ حتى يثقل، فإذا فرغت قال: «اقرأ» فأقرؤه، فإن كان فيه سقط أقامه، ثم أخرج به إلى الناس.
- من خلال هذه المجالس نعرض لكيفية تطور ضبط المصحف الشريف منذ زمن النبوة وحتى العصر الحالي، والإشارة إلى معاني علامات الضبط الموجودة بالمصحف الشريف وما تدل عليه وما لها من أثر في الأداء القرآني.